الحمد لله الحميد المجيد، الذي شرع لعباده أنواعاً من العبادات والتمجيد، والصلاة والسلام على النبي الرشيد، صاحب القول السديد، والصيت الحميد.
الذي أضاء طريق الله للعبيد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فقد شرع الله لعباده شعائر كثيرة كانت بها سعادتهم إن هم عملوا بها في حياتهم، واستشعروا عظمتها لكونها من لدن حكيم خبير.. ومن أجلِّ تلك الشعائر ما امتاز به المسلمون عن أمم الأرض من مناسبات بها يفرحون.
ويتذكرون ماضيهم وتاريخهم وذكرياتهم.. من تلك المناسبات الأعياد، ولم يشرع لنا إلا عيدان فقط مع يوم الجمعة هما عيد الفطر والأضحى.. وفي يوم العيد توجد كثير من الأعمال التي يستحب للناس أن يقوموا بها امتثالاً لأمر الله بها وترغيبه فيها، ومنها صلاة العيد التي هي فريدة في صفتها وهيئتها ووقتها وعظمتها، وقد ندب النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين إلى هذه الصلاة حتى النساء..
وموضوعنا يدور حول صلاة العيد للرجال والنساء.. أما الرجال فإن الصلاة على قول بعض العلماء تلزمهم، وهي في حقهم فرض كفاية، ومنهم من قال فرض عين، أي تجب على كل بالغ عاقل مكلف من المسلمين.
وجمهور العلماء على أنها سنة لا تجب على أحد بل من قام بها وأداها فله عظيم الأجر والثواب، ومن لم يصلها فليس عليه إثم، وعموماً فإن المسلم ينبغي له أن يحرص على الفرص إذا سنحت له. ولا يضيع فرصة من فرص الثواب..
ولا يترك مثل هذه الأمور إلا محروم.. وهذه الصلاة تعتبر من أجل شعائر الدين؛ لأنها في يوم عظيم من هو أفضل أيام الدنيا وأعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى، ولا تتكرر في السنة إلا مرتين فقط، وكلما ندر الشيء كان له من الاهتمام والحرص الشيء الأكبر.. لهذا يجب علينا تعظيم هذه الشعيرة التي هي من جنس الصلوات الخمس التي يمحو الله بهن الذنوب والخطايا..
ويستحب أن يخرج الرجال إلى المصلى؛ لما روى البخاري ومسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى المصلى في العيدين، وقد خرج الصحابة من بعده، وقد خرج علي رضي الله عنه استخلف على الضعفة والعاجزين عن الخروج إلى المصلى أبا مسعود الأنصاري..
ويخرج المسلم إلى المصلى طاهر الباطن أولاً، وثم الظاهر، ويتزين بأحسن الثياب ويتعطر، ويمس شيئاً من الطيب، ويدهن ويتسوك؛ ليقابل إخوانه وهو طيب النفس طيب المظهر...
والنساء.. يستحب لهن الحضور لصلاة العيد؛ يشهدن التكبير والصلاة، ويكثرن سواد المسلمين، لحديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض في العيد، فأما الحيض فكن يعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين) رواه البخاري ومسلم.
ولحديث: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) رواه البخاري ومسلم. وفي رواية: (وليخرجن تفلات) والتفلة: المرأة غير المتعطرة التي لا تشد انتباه الناس. هذا من حيث الحكم الشرعي.. أما من حيث الأمور المتعلقة بخروج المرأة إلى المصلى وإلى المسجد فقد تكلم العلماء في ذلك واشترطوا لخروج المرأة إلى الصلاة شروطاً منها:
1. أن لا تظهر زينتها لغير زوجها أو محارمها ولتحتجب الحجاب الشرعي.
2. أن يكون لبسها حجاباً شرعياً كاملاً ليس في زينة تفتن بها الرجال.
3. أن لا يشم منها ما يثير الغرائز الشهوانية كالعطور، والروائح المثيرة.
4. أن لا يزاحمن الرجال أو يختلطن بهم أثناء المشي، وكذا في المصلى أو في أي مكان..
5. أن يكون الغرض من خروج المرأة إلى المصلى هو ما ذكر في الحديث : (يشهدن التكبير والخير والصلاة ودعوة المسلمين)؛ لأنه قد تخرج بعض النساء بحجة الصلاة، إلا أن الغرض هو النزهة أو التفاخر بجميل الثياب وطيب الريح وجمال الحلي..!!
6. إذا كانت المرأة حائضاً فإنها تحضر المصلى؛ لكن لا تشهد الصلاة، وتبتعد عن مكان الصلاة خارج المصلى...
لأن المرأة كلها عورة وهي سريعة الانقياد إلى ما يريده الرجال خيراً كان ذلك أو شراً..
وإن المرأة المسلمة فضلها الله على غيرها من نساء الأرض، فهي كالجوهرة المصونة التي عرف الناس قدرها وثمنها.. لا كأولئك النساء من بنات الغرب اللاتي تفلتن وانخرطن في مستنقع الرذيلة، من الكاسيات العاريات المائلات المميلات.. اللاتي لا هم لهن إلا التمتع بالشهوات المحرمة
فهي المكرمة بدينها، العزيزة بربها، الشريفة العفيفة.إن المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان، ونظرت إليها عيون الفسقة من كل مكان، الذين لا هم لهم إلا نيل وطرهم أو حاجتهم منها.. فلهذا كانت شروط خروج المرأة من بيتها عموماً إلى أي مكان وإلى المسجد خاصة شروطاً تحفظ كرامتها وشرفها وتحفظها من الفتنة
و ، وخرجت.. وبقاء المرأة في البيتها خير من خروجها متعطرة متزينة يستشرفها الشيطان، عن عائشة رضي الله عنه قالت: ( لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل) رواه البخاري ومسلم
والمقصود أن المرأة تحافظ على نفسها من لعنة الله، وذلك بالحذر من التعرض للفتن وما يغضب الله تعالى.. وأن تحافظ على هذه الشعيرة فإنها شعيرة عظمية، بها يحصل اجتماع السواد الأعظم من المسلمين، ويحصل الغيظ للكافرين، وبلوغ الأجر العظيم من رب العالمين..
ولا يسعنا في الأخير إلا أن نقول: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
والله ولي الهداية والتوفيق.
المصدر: موقع إمام المسجد